الأربعاء، 8 فبراير 2012

إعادة إنتاج النظام



في بداية النصف الثاني من القرن العشرين، ظهرت لوثة تقديم الفنانين الأمريكيين للمحاكمات بتهمة (العمل ضد مصلحة البلاد)، ومن تحت ذلك العنوان، ظهرت تُهمٌ مثل: (الشيوعية)، و(عدم احترام مؤسسات الدولة) ... إلخ. وتم اتهام أسماء مثل "آرثر ميللر" والألماني "بريخت" وغيرهم.

في إحدى هذه المرات، تم تقديم عددٍ من السينمائيين الأمريكان إلى التحقيق بتهمة "الشيوعيّة". المُلفِت في الأمر هذه المرة كان هُوية لجنة التحقيق التي كانت بكاملها من "الجمهوريين" -إن لم تخنِّي الذاكرة-، أبان فترة يحكم فيها الحزب "الديموقراطيّ". وكانت نتيجة المحاكمة: سجن كل من امتنع عن نفيّ التهمة، ممن استندوا على حقهم الدستوريّ في عدم الإجابة على سؤال يخص الهوية الدينيّة أو السياسيّة.

هنا نتذكر قول مولانا "المسيري" في رحلته الفكريّة، بأن الولايات المتحدة لا تقدم نُموذجًا لتداولٍ حقيقيّ للسلطة؛ فثمة تشابه يصل إلى التطابق بين سياسات وأهداف الحزبين (الديموقراطيّ والجمهوريّ). فالتناحر بينهما من أجل الحكم، هو تنافس من أجل تنفيذ خطة ثابتة. فقط!! تديرها كياناتٌ مختلفة.

يبدو أن هذا الشكل الأمريكيّ الداخليّ، هو ذاته التي ترسمه الولايات المتحدة في الدول التي تدور في فلكها داخل النظام العالميّ الجديد؛ حيث تبقى ذات السياسات مع تغير الوجوه وبحماية جيوش هذه الدول. ويبدو كذلك إني كنت على خطأ عندما لم أقنع بسداد رأي أخي "أحمد عبد الفتاح"، عندما قال أن العداء بين نظام مبارك و"الإخوان" لم يكن اختلافًا إيديولوجيًا بقدر ما هو تسابق إلى تقديم نموذجًا يرضي الأمريكان. ومن ثم فلم تكن وثيقة العار هي صلح الحديبية، ولم يكن جلوس خيرت الشاطر في سفارة الأمريكان نوعاً من المداراة السياسية، بل كان نوعًا من (تقديم السبت، عشان يلاقوا الحدّ). ويبدو أن الأمر كما قال مولانا "أيمن عبد الرحيم": بدل (خمَّارة محمد)، هتبقى (خمِّارة "الحاج" محمد).

إن الأمر هو خطة مرسومة بشكل مسَبَّق، تلعبها وجوه متغيِّرة في الداخل والخارج. ومن يرفض هذه الخطة، فلن يُسمح له باللعب.

ولله تمامُ الدراية، وهو محيط.