السبت، 17 ديسمبر 2011

لا إله إلا الله - الثورة



جعل اللهُ (الثورة) سنتَه في رُسلِه، فما من نبيٍ جاء إلا ليصطدم بالسلطة القائمة، لتحرير الناسِ من عبادة أصنامها، إلى عبادته -سبحانه- واحداً لا شريكَ له. من أجل ذلك نُشرَ زكريا، وقُتل يحيى، ونُصب الصليبُ من أجل المسيح، ومن أجل ذلك وقف رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في وجه قريش.
ثَبُت الحسيّنُ على قلة قوته، وعتاده. ثبت لأنه آمَنَ، ولم يجزعْ .. لقد امتلأ قلبُه بالحقِ، فاندلعت الثورة في أفعاله. ألا تكون لكم فيه عليه السلام أسوة حسنة!؟
ما فائدة المسرحية الهزلية المعروفة بالانتخابات إن غابت عن المهرولين لها هذه الرؤية؟ كيف يقولون بتمام الثورة، وأن لحظة البناء قد حانت، ونحن لم ندرك بعدُ "العدلَ" الذي هو الهدف الأصيل -وربما الوحيد- من الثورة؟ أخي (المتكلم) بشمولية الإسلام وثوريته، أنت قُلتَها بلسانِك، وفي (فعلك) أشركتَ بالله العسكرَ!!
إن الملحدَ الذي فقدَ إحدى نوريه في شارع "محمد محمود"، بينما أنتَ تجمعُ الفُتات من فوق موائدِ الأمريكان في سفارتهم - في هذا الملحد (مسٌ) من (إسلام) يفوقك أخي (الإسلاميّ). فأنت رجلٌ ملأته الشروخ؛ أحبَ طعمَ الثريد، ونسى سيفُه العربي سنوات الشموخ.
وها أنتَ الآن يصيرُ دمُ أخيك بين عينيك ماء وتصافحُ من قتلوه فلا تبصرُ الدمَ في كلِ كفِ!! كيف تخطو على جثة ابن أبيك ؟ وكيف تصير المليك على أوجه البهجة المستعارة!!؟ وهل تتساوى يد سيفها كان لك بيد سيفها أثكلك!؟

ثُوْرُوا يرحمْكم الله.

السبت، 10 ديسمبر 2011

التبعية المستترة

تدهشني الكفاءةُ غير الطبيعيّة التي يُظهرُها كثيرٌ من (الإسلاميين) -بعضُهم أصوليون!!- في ترجمة المصطلحات الشرعيّة إلى مصطلحات حداثيّة، أو وصف حادثة أدراها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أو أحدُ صحبه بأوصافٍ لها ذاتُ الطابعِ الحداثيّ، مستبطنين بذلك نوعًا خبيثًا من التبعيَّة الفكريّة، يضع الناتج المعرفيّ الغربي في وضعٍ مركزيّ، ويقيِّم الذات من خلال المُنجَز المعرفيّ الغربي بدون وعيٍّ أو تصريح؛ فيصبح الفعل أو المصطلح الخاص بك ذا قيمة لأنه ماثل آخر غربيّاً (أو سبقَه كما يتفاخرُ البعض). فيتجاهلُ المتكلمُ بذلك خصوصية ذاته ومفارقة منجزِه الحضاريّ، ويقتل وضع المقارنة الذي يجب أن يكون قائماً في عملية نقد الذات والآخر. وتكون الكارثة في عدم التصريح بهذا، فيصبح الأمر كورمٍ سرطانيّ لا تدركه مناعة الجسد، فتكون ضربته قاتلة حالَ ظهوره.

هذه هي "التبعية المستترة" التي وصفها مولانا "المسيري" -رحمه الله-، منتقدًا من يلوي عنق الحضارة العربيّة الإسلاميّة ليثبت أنها احتوت منجزات الغرب، فيصبح ابن خلدون ماركسيًا قبل أن يظهر "ماركس" ذاتُه، ويصبح "بديع الزمان الهمزاني" قصّاصًا يسبق "جودي موباسان" ... ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ولله تمام الدراية، وهو محيط

الجمعة، 2 ديسمبر 2011

التحريرُ النهائيّ


كان اللقاء منذ قرابة العام، خلال ندوة أ. فهمي هويدي، عندما سألني حسن الجبالي عن سبب حُبِّي لـ تشى جيفارا، فأجبت إجابتي المعهودة حينها، بكون جيفارا من كبار المجاهدين، فلم ينفِ حسن ذلك، وسأل: ألا يفضله مثلاً خالد بن الوليد أو أبو سفيان بن حرب؟ فأجبت بذات الرأي الذي قلت به لصديقي وأستاذي د. علي المشد من قبل: أنا بالقطع لا أقلل من شأن عظماء كهؤلاء -رضي الله عنهم-، ولكن الفكرة في جيفارا، هي أن جهاده كان محرراً من أية أيدولوجية أو فكرة، كان جهادًا من أجل الحرية بمعناها المطلق.
توقفت منذ أيام قليلة أمام هذا الرأي الذي طالما اعتنقته، وقد بدأ يتهافت أمام ناظريّ؛ إن الجهاد بمفهومه الإسلاميّ، يتجاوز المعنى الضيِّق المُتَمثِّل في نشر الدين، كما كنتُ أظن أبان الفترة التي كنتُ أدعو نفسي فيها ليبراليًا؛ إن الجهاد يَعُبرُ من هذا المعنى الضيق، إلى فضاء أرحب؛ إنه تكسيرُ عبادة العباد لعبادة ربِ العباد، وتحطيم أصنام الأرض لإعلان الحكم لله واحدًا، إن تكسير تلك الطواغيت، والموتَ في سبيل نشر كلمة الله هو التحرير المطلق النهائي، الخالصُ عن أي شائبة.
ولكني على ذلك خرجتُ من تلك المرحلة بإجلالٍ لـ تشى جيفارا، ومازالت فكرة الموت في سبيل قناعة، تخلبُ لُبِّي، ومازال جيفارا العظيم على إلحاده ولقتاله الحر وهو لا يأمل جنة يجنيها من ذلك الجهاد، يكبرُ عندي على أشباه الرجال الذين يتغنون بقتالٍ باسمه سبحانه وموتٍ في سبيله، وجنة هي وعده، وعندما تأتي ساعة الحق، يتقهقرون في لِحَاهم المدنسة.

ولله تمامُ الدراية وهو غالب.