السبت، 10 ديسمبر 2011

التبعية المستترة

تدهشني الكفاءةُ غير الطبيعيّة التي يُظهرُها كثيرٌ من (الإسلاميين) -بعضُهم أصوليون!!- في ترجمة المصطلحات الشرعيّة إلى مصطلحات حداثيّة، أو وصف حادثة أدراها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أو أحدُ صحبه بأوصافٍ لها ذاتُ الطابعِ الحداثيّ، مستبطنين بذلك نوعًا خبيثًا من التبعيَّة الفكريّة، يضع الناتج المعرفيّ الغربي في وضعٍ مركزيّ، ويقيِّم الذات من خلال المُنجَز المعرفيّ الغربي بدون وعيٍّ أو تصريح؛ فيصبح الفعل أو المصطلح الخاص بك ذا قيمة لأنه ماثل آخر غربيّاً (أو سبقَه كما يتفاخرُ البعض). فيتجاهلُ المتكلمُ بذلك خصوصية ذاته ومفارقة منجزِه الحضاريّ، ويقتل وضع المقارنة الذي يجب أن يكون قائماً في عملية نقد الذات والآخر. وتكون الكارثة في عدم التصريح بهذا، فيصبح الأمر كورمٍ سرطانيّ لا تدركه مناعة الجسد، فتكون ضربته قاتلة حالَ ظهوره.

هذه هي "التبعية المستترة" التي وصفها مولانا "المسيري" -رحمه الله-، منتقدًا من يلوي عنق الحضارة العربيّة الإسلاميّة ليثبت أنها احتوت منجزات الغرب، فيصبح ابن خلدون ماركسيًا قبل أن يظهر "ماركس" ذاتُه، ويصبح "بديع الزمان الهمزاني" قصّاصًا يسبق "جودي موباسان" ... ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ولله تمام الدراية، وهو محيط

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق