الجمعة، 2 ديسمبر 2011

التحريرُ النهائيّ


كان اللقاء منذ قرابة العام، خلال ندوة أ. فهمي هويدي، عندما سألني حسن الجبالي عن سبب حُبِّي لـ تشى جيفارا، فأجبت إجابتي المعهودة حينها، بكون جيفارا من كبار المجاهدين، فلم ينفِ حسن ذلك، وسأل: ألا يفضله مثلاً خالد بن الوليد أو أبو سفيان بن حرب؟ فأجبت بذات الرأي الذي قلت به لصديقي وأستاذي د. علي المشد من قبل: أنا بالقطع لا أقلل من شأن عظماء كهؤلاء -رضي الله عنهم-، ولكن الفكرة في جيفارا، هي أن جهاده كان محرراً من أية أيدولوجية أو فكرة، كان جهادًا من أجل الحرية بمعناها المطلق.
توقفت منذ أيام قليلة أمام هذا الرأي الذي طالما اعتنقته، وقد بدأ يتهافت أمام ناظريّ؛ إن الجهاد بمفهومه الإسلاميّ، يتجاوز المعنى الضيِّق المُتَمثِّل في نشر الدين، كما كنتُ أظن أبان الفترة التي كنتُ أدعو نفسي فيها ليبراليًا؛ إن الجهاد يَعُبرُ من هذا المعنى الضيق، إلى فضاء أرحب؛ إنه تكسيرُ عبادة العباد لعبادة ربِ العباد، وتحطيم أصنام الأرض لإعلان الحكم لله واحدًا، إن تكسير تلك الطواغيت، والموتَ في سبيل نشر كلمة الله هو التحرير المطلق النهائي، الخالصُ عن أي شائبة.
ولكني على ذلك خرجتُ من تلك المرحلة بإجلالٍ لـ تشى جيفارا، ومازالت فكرة الموت في سبيل قناعة، تخلبُ لُبِّي، ومازال جيفارا العظيم على إلحاده ولقتاله الحر وهو لا يأمل جنة يجنيها من ذلك الجهاد، يكبرُ عندي على أشباه الرجال الذين يتغنون بقتالٍ باسمه سبحانه وموتٍ في سبيله، وجنة هي وعده، وعندما تأتي ساعة الحق، يتقهقرون في لِحَاهم المدنسة.

ولله تمامُ الدراية وهو غالب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق